روايات النساء | مارغريت آتوود
مدير التحرير
1- روايات الرجال تكون عن الرجال. روايات النساء تكون عن الرجال أيضا ومن وجهة نظر مختلفة. قد تجد روايات للرجال ولا نساء فيها فيها نساء عدا ربما صاحبة المُـلك أو الحصان، لكن لا يمكنك أن تجد روايات للنساء من غير رجال فيها. أحيانا يضع الرجال نساء في رواياتهم لكنهم يتركون بعض الأجزاء خارجاً: الرؤوس، مثلاً، أو الأيدي.
روايات النساء أيضا تترك بعض أجزاء الرجل خارجاً. بعض الأحيان تكون هذه الأجزاء تقع ما بين السرة والركب، وأحيانا يتركن حس الفكاهة خارجاً. من الصعب أن تتم الفكاهة في سرية، في الريح العالية، في مستنقع ضحل. النساء عادة لا يكتبن روايات من النموذج المفضل لدى الرجال لكن عُرف عن الرجال أنهم يكتبون النموذج الذي تحبذه النساء. بعض الناس يجدون هذا شاذاً غير عادي.
2- أحب أن أقرأ روايات حيث البطلة ترتدي زياً خاصاً يحفّ برزانة فوق ثدييها، أو ثديين رزينين يحفان ببعضهما تحت زيها؛ في كل الأحوال يجب أن يكون هناك زيّ، بعض الأثداء، بعض الاحتكاك، وفوق كل ذلك، الرزانة. الرزانة فوق كل شيء، كضباب، كسريان نفحة مسمومة تخفي معالم الأشياء ولا يبقى منها إلا الهشاشة، ومضة قرمزية وسط الكآبة، صوت التنفس، لطخة متأرجحة على الأرض، لتفصح عن ماذا؟
أقول لا بأس. لا بأس لا بأس على الإطلاق.
3- الرجال يفضلون الأبطال الذين يكونون خشنين وقساة: خشنين مع الرجال، قساة مع النساء. أحياناً يصبح البطل مرناً مع النساء ولكن هذا خطأ دوماً. النساء لا يفضلن البطلة التي تكون خشنة وصعبة. بل الأفضل أن تكون قاسية ومرنة. هذا يؤدي إلى تعقيدات في الألسنية. فيما مضى تبين لنا أن المفردات وحيدة المقطع، كانت ذكراً، لا يزال في موقع السلطة، لكنه بسرعة يغرق، محاطا بثمانية أذرع صوتية متعددة المقاطع تحاول الهمس كعنكبوت مليئ بالنعمة: حبي، يا حبي.
4 – روايات الرجال تكون عن كيفية الحصول على السلطة. القتل وما إلى ذلك، أو الربح وما شابه. وهكذا هي روايات النساء، رغم أن الطريقة مختلفة. في ورايات الرجال الحيازة على امرأة أو نساء يسير جنباً إلى جنب مع الحصول على السلطة. إنها مكتسبات إضافية، وليست الغاية.
في روايات النساء تكون حيازة السلطة، بالحصول على الرجل. الرجل هو السلطة. لكن الجنس لن يخدم هنا، يجب أن يحبكِ. باعتقادك، ما سبب كل هذا الركوع بين فساتينك الهفهافة المنفوشة، فوق تلك السجادة الفارسية؟
وعلى الأقل انطقي بها حين كل الأشياء الأخرى مفتقدة. مجرد النطق بها، قد يكون كافياً.
حب! هناك تستطيع أن تقفي الآن. النطق بالكلمة لم يقتلك؟ أتراه فعل!
5 – أنا لم أعد أرغب بعد في قراءة أي شيء محزن. أي شي عنيف، أي شيء مزعج، عن أي شيء من هذا القيبل. لا للجنازات في النهاية، يمكن أن يحدث ذلك في المنتصف. إذا كان لا بد من حصول الموت، فلتكن هناك قيامة. أو جنة على الأقل كي نعرف أين نحن. الإحباط والبؤس ليكونا لهؤلاء الذين تحت سن الخامسة والعشرين. هم يستطيعون احتمال ذلك، بل و يحبونه، ما يزال أمامهم وقت كثير.
لكن الحياة الحقيقية سيئة بالنسبة لك، تمسك بها بكلتا يديك لمدة طويلة، وستصاب بالبثور وبالوهن في قواك العقلية. ستصاب بالعماء.
أريد سعادة مضمونة، بهجة تغمر كل الجهات. شراشف عليها طيور أو ممرضات، فتيات ذكيات، ولكن ليس لحد باهر، لهن أسنان عادية وقاطعة، بأثداء لها نفس الحجم وبدون شعر زائد في الوجه، أحد ما تستطيع الاعتماد عليه لتعرف أين وضعت الضمادات، أو لتقلب دور البطل، بطاقته الكامنة وقدرته على جمع النقود والقتل، إلى سائس خيل أنيق، أظافره نظيفة ويجيد الكلمات المناسبة. «دائماً» يجب أن يقول. «إلى الأبد». لم أعد أرغب بعد في قراءة كتب لا تنتهي بكلمة «إلى الأبد». أريد أن تصيبني صدمة بين عيني، في اتجاه واحد فقط.
6- بعض الناس يعتقدون أن روايات النساء قد يكون فيها أي شيء عدا السياسة. بعضهم يعتقد أنها أي شيء عن العلاقات. بعضهم يعتقد أنها أي شيء تكثر فيه العمــليات، أقصد الطبية. بعضهم يظن أنها أي شيء لا يعطيك نظرة بانورامية وافية عن زمنــنا السعيد. أنا! حسنا، أنا أريد فقط شيئا أستطــيع أن أتركه على طاولة القهوة بدون أن أقلق فيــما لو فتحه أحد الأطفال. أنت تعتقد أن هذا الأمــر في الحقيقة لا يمكن أن يكون موضع اعتبار؟ أنت مخطئ.
7 – لها عيون طائر بري، مدهشة: هذا النوع من الجمل هو الذي أجنّ فيه. أتمنى ان أكون قادرة على كتابة جمل كهذه، وبدون ارتباك. أتمنى أن أكون قادرة على قراءة هكذا جمل بدون ارتباك. فقط لو أستطعت القيام بهذين الأمرين البسيطين، أشعر، أنني بذلك سأكون قادرة على قضاء أوقاتي المسروقة على هذه الأرض، كمحارة محاطة بالمخمل الناعم.
لها عيون طائر بري، مدهشة: اها! لكن أي طائر؟ بومة مذعورة، ربما، أم وقواق؟ سيختلف الأمر. لا نريد بعد أدبا من صنع المخيلة. إنهم لا يستطيعون أن يقرأوا «جسد كالغزالة» دون التفكير في الطفيليات، حدائق الحيوان، والروائح.
لها تحديقة وحشية كتلك التي لحيوان لم يخصّب؛ أقرأ. قلقة أضع الكتاب جانباً. الأصابع لا تزال تقف عند تلك اللحظة المثيرة. إنه على وشك أن يفتتها بين ذراعيه، ضاغطاً بحرارة فمه الجائع المتلهف على فمها، وثدييها النافران من فستانها إلى أعلى، لكنني لا أقوى على التركيز. الكناية تقودني من أنفي إلى المتاهة، وفجأة عدن كلها تنبسط أمامي. القوارض، ابن عرس، الخنزير الوحشي، و«السكنك» بنظراتهم الوحشية الماكرة أو الدمثة أو البليدة أو النهمة أو البارعة. محزنٌ، أن ترى الشحنة الرومانسية المستعرة ترتعش ويصعب الوصول إليها، فراشة – بأجنحة سوداء تلتصق فوق مشمشة شديدة النضج، لكنها غير قادرة على أن تمتصها أو تنغمس فيها.
أيها؟ أدمدم في الهواء الذي لا يجيب، أيها؟
_________________________
الترجمة لـ: جاكلين سلام. كاتبة سورية مقيمة في كندا.
عدد المشاهدات : 391
شارك مع أصدقائك
Comments are closed.