قصائد من شعب الروهينغا
مدير التحرير
هذا أنا، روهينغي
(مايّو علي)
عندما ولدتُ،
لم أكن مولوداً مثلك.
بلا شهادة ميلاد،
كموت فحسب.
عندما كنتُ أحداً،
لم أكن طفلاً مثلك.
بلا وطن،
كحيوان أليف فحسب.
عندما كنتُ تلميذاً،
لم أكن تلميذاً مثلك.
بلا وجهٍ بورمي،
ككآبة غدٍ آتٍ فحسب.
عندما كنتُ في قرية أخرى،
لم أكن مقيماً مثلك.
أطلبُ استحساناً عاجلاً،
كمعتقلٍ مخبولٍ فحسب.
عندما أعبرُ شوارع مدينتي،
لا أكون مواطناً مثلك.
أحملُ تصريح نموذج 4،
كبدوي فحسب.
عندما ألتحق بالجامعة،
لن أكون طالباً مستجدّاً مثلك.
يُمنعُ من التخصص،
كغير قانوني فحسب.
عندما أقابل الناس،
لن أكون مقبولاً لديهم مثلك.
أعاني الفصل والميز العنصري،
كالحجر الصحّي فحسب.
عندما أقدمُ على الزواج،
لن أكون خاطباً مثلك.
يُقبلُ زواجه،
كأجنبي فحسب.
عندما أريد أن أُصلح من كوخي،
لا يُسمحُ لي كما يسمح لك.
أُقابلُ برفضٍ ظاهرٍ،
كغازٍ فحسب.
عندما أرتّبُ تجارة صغيرة،
لن أكون بائعاً مثلك.
التقدم مقيّدٌ، مصادرٌ،
كمفلسٍ فحسب.
عندما أتقدمّ للعمل في وظيفة،
لن أكون مرشحّاً لها مثلك.
أتقبّلُ سبب الرفض،
كواحدٍ تمّ عزله فحسب.
عندما أكون مريضاً في مصحة حكومية،
لن أكون المريض المفضل مثلك.
مهمشاً، معزولاً،
كغريب فحسب.
عندما أختار ديناً،
لن أكون مؤمناً مثلك.
سأكون مقيدّاً في عبادتي في مسجدٍ مهدّمٍ،
معدوم الإنسانية فحسب.
عندما أنظّم مظاهرات،
لن أكون قادراً على البقاء حيّاً مثلك،
لا ضمانة للسلامة،
كضحية اغتصاب فحسب.
عندما تأتي السنة الجديدة،
لن أكون مواطناً مثلك.
تحت عقود من العمليات الطويلة،
كشيءٍ مختلقٍ فحسب.
حتى عندما أعيش في بلادٍ وُلدتُ فيها،
لا أستطيع أن أقول إنّها لي مثلما تفعل أنت.
بلا هوية،
كلاجئ فحسب.
حتى عندما أستنشق هواء السماء،
أنا لستُ إنساناً مثلك.
بلا حفار قبور موثوق به،
كصعلوك فحسب.
حتى عندما أراقب شروق الشمس،
لا أحيا مثلك.
أحيا بدون أمل،
كقلعة من رملٍ فحسب.
رغم العيش على قمة فقدان الإنسانية ورعب فقدان الأخلاق،
أنا محاصر تماماً.
جلدي يرتجف فقط
ليحسّ مرةً بمعنى الحرية الكامل،
قلبي يشتهي لمرّة فقط أن يمشي في عالمي أنا.
هذه الأيام، لا أحد يشبهني.
فقط أنا نفسي.
روهينغي فحسب!
■ ■ ■
رائحة القلب المحترق
(باسيفيست فاروق)
مرّة غرستُ نبتة حبٍّ بداخلي.
عشتُ في ظلّها وأكلتُ من ثمرها.
عاشت النبتة لعدّة أسابيع ثمّ ماتت.
شمس هذا العالم فاقدة ضوء.
في تلك الأسابيع من حياتها،
نمت نبتة الحُب إلى شجرة.
ضميري التهم السمّ،
استهلكتُ دماغي لأحمي جسدي.
في ذلك الوقت، كنتُ ولداً يلعب بالنار،
أردتُ أن أفتحَ سهل السعادة.
أحرقت النارُ قلب النبتة.
والآن رائحة الاحتراق ما زالت تنتشر.
■ ■ ■
حياتي
هذا ملخّص حياتي…
كنت ضفدعاً في بئر،
سجيناً في زنزانة هواء عليلٍ.
في الكون المعتم المعتم،
لا نهارات،
ليالٍ فحسب، ليالٍ.
طائر الغاق الصغير ينجو موجات الإبادة الجماعية إذ يرمى بعيداً،
محطّماً على غرابة العالم.
عاصفة من العنصرية، من الكراهية-
هذه حياتي.
تماماً كفيلم إثارة تكون فيه رجل عصابات.
تماماً كممثّلٍ نسي حواره.
في أراكان، يقتلونك ويدفنونك
تحت كنزٍ من حقوق الإنسان.
■ ■ ■
شخصٌ أخافه
(زكي أوفيس)
أنا نجمٌ جائعٌ في السماء،
مغطى بسحبِ الغيرة.
أنا سمكةٌ ذهبيةٌ مزروعة في حديقة،
لا تصلُ إليها الشمس.
أنا ذبابةٌ في مطبخٍ،
تطنّ على حافّة حائطٍ أعمى.
أنا دجاجةٌ تحت جناح أمّ،
محصورة في سياج ضيّق.
أنا يمامةٌ فوق شارع يانغون،
حبيسة في قفص اللا إنسانية.
أنا ماءٌ يسيل في نهر مايوّ،
أفتقد رفيقي – الهواء.
أنا إنسان في الكون،
مُنعتْ عنه حقوقه الأساسية.
أنا أحدٌ أخافه.
■ ■ ■
أعمل قالباً
(رو محروس)
أتفق على أنّ أثر القدم
قد تمّ أخذه من المسرب
لكن هل انقطع السلك بين البيوت؟
لقد صار بحراً بين البيوت.
ومن الذي مَنعَ نسيم البحر
من المجيء؟
■ ■ ■
خلف الحياة
(رو ب.م. هايرو)
عندما كنتُ في ميانمار،
لم أستطع السفر من مكان إلى آخر-
حركتنا مقيّدة.
عندما كنتُ في ميانمار،
لم أستطع التعبّد داخل المسجد-
أوامرُ منع التجول لنا.
عندما كنتُ في ميانمار،
لم أستطع الدراسة بحريّة في مدرسة بورمية-
التمييز العنصري موجّه نحونا.
عندما كنتُ في ميانمار،
لم أستطع اللعب على أرضي –
الجنود قادمون نحونا.
عندما كنتُ في ميانمار،
لم أستطع النوم في الليل –
إطلاق الرصاص علينا بلا توقف.
عندما كنتُ في ميانمار،
لم أستطع بيع أيّ شيءٍ في السوق –
ينهبون أملاكنا بلا توقّف.
عندما كنتُ في ميانمار،
لم أستطع بذر حقلي –
الـ (نحن) من أرضنا اغتصبت من أجل ناتالا.
■ ■ ■
قتلة رحيمون
(مايّون علي)
دمٌ غزيرٌ يدفقُ من مكان مقتلِ زوجي وابني.
شاهدتُ رضيعي يُسلب منّي،
يُرمى في النار التي تنعكس في عينيّ.
لم يستطع حتى أن يصرخ أغنيته كاملة،
أُحرقَ وقوداً في دقيقة.
حسبي، لم يكن عليّ رؤية الجثث كالآخرين،
ولا أن أدفنهم.
إنّهم قتلة رحيمون.
قتلةٌ يستمتعون بالصيد.
أحدهم طلبَ نقوداً وذهباً،
أعطيته كلّ ما أملك، بما في ذلك أقراطي
ثمّ اغتصبوني واحداً بعد الآخر.
آخرهم قال: لن أستعمل قضيبي عليك.
بدلا من ذلك، استعملَ سكّينه.
أشعلوا في النار وتركوني لأموت.
وجدتُ نفسي أنزف صامتة،
العالم بالغ الشجاعة يرانا نُقتل.
■ ■ ■
كيف؟
(مارون مون)
كيف تُديرُ ظهركَ للدموع؟
كيف تُسكتُ زفرةً باكية؟
كيف تتخلّى عن جزءٍ من نفسك؟
كيف تزيح ببصرك بعيداً عن البريء؟
كيف تنكر دفء صدرك؟
كيف تسمح للبراءة أن تغرق في حيرتك؟
كيف تسمّي الأسئلة لعب عقلية؟
كيف تسحب رحمة الطمأنينة؟
كيف تغلق على أحدٍ ظلمة كامنة؟
كيف تقنعهم أنّ كلّ خطأٍ يقربهم خطوة إلى الفشل؟
أحدهم تعثّر واستمرّ في السقوط.
أيّ شيء آخر أقوله؟
صار الحيّ حيّاً ميتاً.
■ ■ ■
إبادة شعب ونسيانه
إذا كانت ميانمار قد حضرت بقوة في الوجدان العربي من خلال أخبار مجازر المسلمين على أرضها بين 2012 و2018، إلا أنها تبقى من أكثر بلدان العالم غياباً على مستوى الثقافة أيضاً، وكأن تلك البلاد لا وجود لها على الخريطة وهي في ذلك ليست استثناءً، فبلاد كثيرة من نفس المنطقة من العالم، ما سمّي خلال الفترة الاستعمارية بـ الهند الصينية، تبدو على هامش الاستحضار العربي على الرغم من أواصر عديدة يمكن تفعيلها.
________
* تم نشر هذه المادة في صحيفة العربي الجديد، بتاريخ 3 ديسمبر 2019م، وترجمة الأستاذ عاشور الطويبي.
عدد المشاهدات : 663
شارك مع أصدقائك
Comments are closed.