ملجأ
مدير التحرير
لا تسيئوا فهمي، فأنا
مثل نصف أصدقائي على الفيسبوك
أحب القصيدة الجيدة
التي تنقلك إلى زاوية في الروح
لم تكن تعرف أنها موجودة
لأنك لم تعثر على الاستعارة الدقيقة
حتى لو شعرت بها
مثل تلك المرّة التي شاهد فيها والداي
فقرة في الأخبار المحليّة
عن امرأة مسنّة تطلب المعونة
لزوجها المريض وتطوعتُ لآخذهم بالسيارة
إلى العنوان الذي ظهر على الشاشة
محلّة لم أكن قد مررت بها من قبل
لكنها بدت مألوفة بفقرها المعتاد:
ألواح مائلة تسمّى بيتاً
بداخله المرأة التي ظهرت في الأخبار
تحت نصف ضوء
تشكرنا على البطانيّات في أيدينا وتشير
إلى كرسيّ مطوي لنضعها عليه
قبل أن تعرّفنا على زوجها: لحية هزيلة
تحت حرام مجعد على سرير بسيط
هناك في ما كان يفترض أن يكون غرفة معيشة
يئن بذلك الشكل المكتوم لأولئك الذين يعرفون
أن الأوضاع لن تتحسّن
المرأتان تدردشان:
«هكذا هو شظف الحياة» و«أرجوكم، ابقوا قليلاً»
و«اجلسي» وكأننا أقرباء التقينا بعد طول غياب
كل هذا بالإسبانية، لكنني أترجمه هنا
لأنني أريد الوصول إلى أوسع جمهور
ولا أريد أن أثقل كاهل الذي يقرأون الإنكليزية فقط
وقد تكرّموا علي بوقتهم ليقرأوا هذا
الذي سأسميه قصيدة
لن يتمكن والداي من قراءتها
فهما يتحدثان الإسبانية فقط
بتلك النغمة المكسيكية الاعتذارية
التي لم تسمح لهما أن يقاطعا المرأة
الإسبانية التي أبقيت عليها لكنني نادراً ما أستخدمها
مع أنني فعلت ذلك في تلك اللحظة
حين قلت لأمي مراراً «يجب أن نذهب»
بإلحاح يكاد أن يكون وقاحة
لأنني لم أستطع أن أحتمل
دقيقة أخرى في تلك الغرفة
التي كادت أن تكون نسخة طبقة الأصل من غرفة طفولتي
حتى حين قالت المرأة «يبدو أنّه مستعجل»
وابتسمت أمّي واختلقت الأعذار ونحن نتهيأ للذهاب
بينما كنت أتحسّر على تهذيب والدي المُسْتَسْلِم
والشائع بين المكسيكيين في أمريكا
مع أنني كنت آنذاك طالب دراسات عليا شمال ولاية نيويورك
أزور جنوب تكساس أثناء عطلة الشتاء
بين فصلين دراسيين قرأت فيهما أديچي وآليكسي
أخاطر بوضع الكلمات مع بعضها البعض
لأجد شيئاً مثل الغاية من كل هذا
بحثٌ عن السبب وراء عشق المتحدّث للقصائد
فتنة الكلمة المكتوبة حين تتحول إلى شيء
أداة ضد الحزن، الجارف أحياناً، في كل شيء
بَضمنه حقيقة أن البعض منّا لن يكون لديهم
الوقت والقدرة لكي يجلسوا مع قصيدة
مثلهم في ذلك الملجأ الوهمي
لكن ربما كانوا هم أقرب إلى غاية الشعر
إلى حافة النسيان تلك
حيث تبدأ الكلمات بالتضاؤل
حديث المرأة المضطرب وهي ترجونا
والرجل ماداً يده الهزيلة وكأنها قطعة من السرير
ارتجافها وهي تحاول أن تقول
ما خيّل إليّ أنه
تحية أو توسّل.
_______
*نُشر هذا النص، للشاعر: خوزيه أنطونيو رودريغز، في مجلة ذا نيوركر، ٢٠ آذار، ٢٠٢٠. وقام بترجمته الأديب العراقي: سنان أنطون، لموقع: جدليّة.
عدد المشاهدات : 697
شارك مع أصدقائك
Comments are closed.