صليب الندم | فواز حسين

صليب الندم | فواز حسين

مدير التحرير

بالنسبة لأمرئ لم يزر باريس أبداً، أو زارها لبضعة أيام فقط، فإنها مدينة برج ايفل، العطور الفاخرة والمقاهي التي لا يحصرها العد. وفي هذا بعضُ االحقيقة، فحيث ما ولى المرءُ وجهَه فيها صادفه عددٌ من المقاهي، لكن لرجل مثلي يعيش فيها منذ خمسة وعشرين عاماً فإن باريس هي مدينة الوحدة بامتياز. إنها، منذ وفاة أبي، أرض الأحلام المجهضة والآمال مهيضة الجناح.

اليوم أنا على موعد مع صديق فرنسي اسمه باسكال. سنلتقي في الحارة القريبة من المقبرة الشهيرة بيير لاشازيه. حينما أغادر المترو وأطأ الأرض، أجد نفسي أمام ساحة دائرية شبيهة بساحة الباستيل وبعيدة الشبه بساحة ريبوبليك المربعة. أبحث عن المقهى الذي تواعدنا على اللقاء فيه وسرعان ما أجدها بين مقهيين آخرين. قبل أن أدخل، أبحث في الفسحة الخارجية عن الرأس الحليق والجثة الضخمة لباسكال. الفسحة الخارجية لمقهانا تشبه ما للمقاهي الأخرى من حيث فرشها الجيد. ومنذ منع التدخين في الأماكن المغلقة فإن الشباب والبنات يطلقون سحب الدخان خارجاً. الطاولات المدورة المغطاة بالزجاج تعلن عن بيرة بلجيكية. في الصورة التي تتكرر في كل طاولة يطالعنا بضعة رهبان وقساوسة وهم يرتشفون البيرة ببهجة بالغة في بيت الرهبان. هؤلاء القساوسة المشهورون في أوروبا بصنع البيرة يعطون انطباعاً بأن هذه البيرة هي الوحيدة، بعد المسيح وأمه العذراء مريم، بإمكانها منح سعادة كبرى للبشر. إنهم يطلبون من عشاق البيرة جميعاً أن يبادروا بسرعة إلى طلب زجاجة بيرة لإطفاء جذوة الظمأ لديهم.

وللوقاية من المطر فإن الكراسي الخشبية لُفَّت بأسلاك من المطاط، المطر الباريسي غزير جداً وقد منح الله باريس حصة كبيرة من المطر تمتد حتى قيظ الصيف. وكما في أي مدينة من مدن الشرق الأوسط فإن حافلات النقل والسيارات في هذا الساحة تصرع المارة بأبواقها وتسير عقب بعضها البعض. أنا لا أجلس في الفسحة الخارجية بل أتوجه إلى داخل المقهى. فأنا أكره رائحة البنزين وضجيج حركة السير. هذا بالإضافة إلى أمر آخر يدعوني إلى اللجوء إلى داخل المقهى وهو أن باسكال، مع أنه ضخم الجثة، يتكلم همساً كمن يريد إفشاء الأسرار.

حينما التقينا، أنا وباسكال، سألني عن معنى اسمي “عيسى”. شرحت له أن معنى عيسى يرادف بالفرنسية “يسوع”. كان باسكال قد سمع أن لكل اسم في الشرق معنى لافت. فغر باسكال فاه من الدهشة لأنه ما كان يعتقد أن المسلمين يؤمنون بـ”بإبن الله” ويسمون أبناءهم باسم المسيح.
شرحت له أن المسيح بالنسبة للمسلمين، كان نبياً عظيماً وحسب. وبحسب القرآن فإن الله “لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد”.
المسيح يشتهر عند المسلمين بقولته الشهيرة “من صفعك على خدك الأيمن فدر له الأيسر..” بالنسبة لي شخصياً فإن قصة السيد المسيح ومأساته كانت متعلقة بصليبه. إذ من ذا الذي بإمكانه أن يتصور هذا النبي دون ذلك الصليب وتلك الدماء التي تنزف من خاصرته وجبينه؟

 

حالما أدخل أجد أن ذلك البار قد خلا من جميع زجاجاته. ثمة فاصل كبير من الزجاج يفصل داخل المقهى عن الردهة والساحة الصاخب. لا أحد في الداخل سواي. أما الجالسون خارجاً فإنهم ينفثون دخان سجائرهم بعصبية وقلق. بعضهم يتحادث وبعضهم جالس وحيداً وقد ذاق من الدهر ما ذاق. في جهة أخرى من الساحة صليب صيدلية يلمع ثم يخبو نوره بسرعة وتتناثر أضواؤه الخضراء على الرصيف لتجذب أنظاري مثل مغناطيس. أدع ضوضاء الخارج خلف ظهري لألتفت إلى الداخل وأكتشف في تلك اللحظة أنني لم أعد بمفردي في المقهى.

على بعد بضع طاولات يجلس شابان وثلاث فتيات ويتحادثون بلغة الإشارة. واعتماداً على تفاصيل أجسادهم وملامح وجوههم وبخاصة استدارة رؤوس الشابين، أقول لنفسي إنهم من أوروبا الشرقية. ربما كانوا من بلد مثل بولونيا أو يوغوسلافيا المتشظية. أمام كل واحد منهم كاتالوجاً ثخيناً يقلب صفحاته بين الحين والآخر. لا أدري أهم في الحقيقة صم بكم أم أنهم يتحدثون هكذا بلغة الإشارة حتى يحافظوا على هدوء المكان وسكينته!

ما يلفت نظري هو ذلك الحزن البادي على وجوههم. إحدى تلك الفتيات الثلاث تخرج منديلاً من جيبها وتمسح به عينيها ورأس أنفها. على الجدار الذي يقابلني شاشة بلازما شبيهة ببساط عجمي أو لوحة كبيرة. على تلك الشاشة ثمة مجموعة من المغنين البائسين يشبهون مومياءات محنطة، يتراقصون. إنهم يغنون، لكن تم خفض أصواتهم. في سقف المقهى تتدلى ثريا شبيهة بشجرة تمد جذورها المعدنية الخمس في السقف. في نهاية كل جذر مصباح صغير ينثر ضوءاً باهتاً.

وأنا متأمل هكذا، يتولد لدي شعور بأن أحداً ما يجلس على يميني. ألتفت فأرى بالفعل رجلاً يجلس بدشداشة بيضاء وسترة صيفية زرقاء اللون وقد تدلى منديله على وجهه فأخفاه. لا أستطيع رؤية ملامحه، لكن من سيكون هذا الرجل إن لم يكن والدي؟ تستبد بي رغبة في أن أعانقه وأبدي فرحي العظيم بلقائه، لكنني أفهم من صمته أنه مرهق من سفره الطويل. علي أن أتماسك قليلاً حتى يلتقط أنفاسه. لقد طلبت من والدي عدة مرات، منذ إقامتي في باريس، أن يأتي لزيارتي. كان يتحجج كل مرة بكبر سنه ويقول: “يا بني وما الذي سأفعله في فرنسا؟ أنا لا أعرف سوى العربية والكردية. لم أتعلم مثلك على يد الملالي ولم أذهب إلى المدارس، أنا لا أعرف لا القراءة ولا الكتابة. فماذا سأفعل هناك يا ولدي؟” كان والدي يخفي رغبته في أن أعود إلى البيت بعد كل تلك السنين الطوال.

لا أدري ماذا أطلب لوالدي. أتمنى في تلك اللحظة أن أكون مالكاً لذهب خزائن الدنيا كلها وأقدمه لهذا الوالد. لكنني أتذكر أن والدي ليس من ذلك الصنف من الرجال الذين تغرهم بهارج الدنيا. هناك صورة خاصة من طفولتي التي قضيتها في عامودا تدعني أعرف أي نوع من المشروبات يحبها. فحينما كنت أستيقظ من النوم لأذهب إلى المدرسة كان أبي أيضاً يعد نفسه ليخرج. لا أدري إن كان يؤدي صلاته الأولى أم لا، لكنني أعرف أنه كان يسرع إلى مضافة عمي الحاج خلف. في تلك المضافة الطينية كان رجال العشيرة يجتمعون. كانوا يتجاذبون أطراف الحديث حول النزاعات والأراضي والأمطار التي لا تهطل. وعندما كان الحديث يبدأ عن الحكومة وظلمها للكرد كانوا يخفضون أصواتهم خوفاً. كان العم خلف يغلي القهوة المرة لساعات على الجمرات المتقدة إلى أن تتكثف، فكان عمي يديرها. كان يفرغ قطرات قليلة منها في قعر فنجان ويقدمها لضيوفه.

كان أبي يحب تلك القهوة بجنون. كان يتلهف مثل صبي لاحتساء تلك القهوة المرة. وما إن كان يستلم الفنجان حتى كان يديرها بين أصابعه. وتماماً مثل الفرنسيين الذي يجيدون شرب النبيذ الأحمر، كان والدي يشم القهوة وينتشي برائحتها ثم يغمض عينيه ويحتسي ذلك السائل المغلي. كانت تلك اللحظة واحتساء تلك القهوة المرة من لحظات السعادة القليلة لوالدي. كما أن تناول حبات الرمان كان أيضاً من لحظات السعادة. بعد شرب القهوة كان والدي يدخن بضع لفافات من التبغ المهرب ثم يعود أدراجه للمنزل. كان يتناول فطوره معنا، قطعة جبن مع كسرة خبز وكأس شاي. وفي اللحظة التي كنا نتوجه فيها لمدارسنا كان هو أيضا يذهب لمدرسته، أي مضافة العم حاج خلف. كان أبي ورجال العشيرة يقضون نهارهم هناك، وفي المساء كان يتناول عشاء خفيفاً في الدار ويتجه للمضافة مرة أخرى ليعود في آخر الليل.

بعيداً عن البيت ومضافة حاجي خلف، في قلب ذلك المقهى الباريسي، أقول لنفسي سأطلب لوالدي فنجاني قهوة “اكسبريس” الثخينة. لا أدري كيف أنقل رغبتي إلى النادل من دون أن أكسر صمت ذلك المكان الهادئ. ما زال الزبائن الآخرون يتحدثون بإشارات من أيديهم، والحزن الظاهر على وجوههم يدل على ألم باطني يعانون منه. فجأة وفي تلك اللحظة بالذات يظهر النادل داخلاً المقهى من أحد الدهاليز، ربما من جهة البار والمطبخ. على جسمه الرشيق بدلة سوداء وقميص ببياض الكفن. يلف عنقه بربطة عنق رمادية. أقول لنفسي إن مظهر هذا النادل لا يتناغم مع بقية الندّل في المقاهي الباريسية. لقد مضت عليّ نحو خمس وعشرين سنة وأنا أعيش في باريس وأعرف كيف وماذا يرتدي الندل. كل نادل يرتدي سترة سوداء من دون أكمام فوق قميص أبيض ويحمل في يده صينية ومنديلاً أبيض ويتجول برشاقة بين الكراسي والطاولات. ينحني الندل الباريسيون على الزبائن ويصغون إلى طلباتهم، وفي لحظة قصيرة يفهمون كل شيء. يذهبون ويعودون ليضعوا أمام الزبون ما طلبه بكل لطف.
النادل الذي يتوجه صوبنا يشبه أولئك الشباب الأميركيين الذين يعملون على بناء كنيسة بروتستانتية. أولئك الشباب الذين يتجولون كالصيادين في شوارع باريس وحيثما يصادفون أحداً لوحده يقتربون منه ويلوحون له بطريق إلى فردوس مزيف. إنهم يلقون بأولئك المساكين في حضن مذهب مخادع ويدمرون حياتهم. حينما يقف النادل أمامنا يتفوه بكلام يشبه “طاب نهاركم” بالفرنسية ويضع أمامنا لائحة بأسماء الأطعمة والمشروبات. ألمح يديه وأصابعه الرشيقة فأراها مثل يدي وأصابع فتاة معتدة بنفسها. أحاول النظر في وجهه لكنه سرعان ما يستدير ويخطو بسرعة إلى المكان الذي خرج منه.

أفتح لائحة الطعام فلا أراها خاصة بالطعام والشراب. لكنها كاتلوج لإحدى شركات دفن الموتى. وحسب ما فيها فإن الشركة تقوم بعملها على أكمل وجه وتنفذ كل أعمال الغسل والدفن. يقوم صاحب الشركة ومساعدوه بتهيئة الميت. يلبسونه أفخر ما عنده من ثياب ويجملون وجهه كأنه وجه عريس. وإن كان ثمة عيب في جسد المرحوم فإنهم يعالجون ذلك بإبر خاصة تخفي العيوب. بالإضافة إلى ذلك فإن الشركة تهتم كثيراً بمسألة النعوش. جميع النعوش مصنوعة من الخشب الثمين وتغطيه من الداخل بالقطن والأقمشة الفاخرة. أما بالنسبة للقبر والشاهدة والغطاء فإن الشركة تقدم كل أنواع المرمر التي تناسب جميع الأذواق.

كما تقوم الشركة ببيع الأزهار الاصطناعية التي لا تعرف الذبول. يستطيع صاحب الشركة أن يشارك في المراسيم ويذرف الدموع أيضاً، لكن كما يعرف الجميع فإن للدموع أيضاً ثمناً. إذا كان الأحياء يحبون أمواتهم حقاً، فلا يسألون عن الأثمان وهم مستعدون لبيع ملابسهم حتى تكون جنازة ميتهم راقية. في نهاية الكتالوج يلعن صاحب الشركة البخلَ ويقول إن البخل يجلل كثيرين بالعار، سواء في الدنيا أو في الآخرة.

إن حبي لأبي لا يعادله شيء آخر ولست في حاجة لأبرهن هذا الكلام لفرنسي هو صاحب شركة دفن الموتى. إن لم يصدقني فليذهب وليناطح الصخور. أنتظر هذا النادل الغشاش لأقول له إن وضعه لهذا الكاتالوج أمامنا هو عمل غبي لا يدانيه في الغباء عمل آخر. يخالجني شعور أن باسكال وراء كل هذه الأفاعيل ليستهزئ بي قليلاً. ترى أين هذا الصديق أبو الرأس اليقطيني ولماذا تأخر عني كل هذه المدة.
ما يجعل صدري يضيق أكثر هو أن صاحب شركة دفن الموتى لا يعلم شيئاً عن عاداتنا نحن الكرد. هذا الحمار لا يعرف أين ولدنا، أبي وأنا، وما هي نظرتنا إلى الموت والموتى. ترى من ذا الذي يخطر على باله في كردستان نعش بحمالات ومحشو من الداخل بالقطن ومبطن بالقماش؟ من ذا الذي يستعمل الأدوية والإبر لأجل الموتى ويضع الزهور الاصطناعية على قبورهم؟ إن مهارة هذه الشركة وأسلوبها في دفن الموتى لن يساويا قرشين في كردستان. فما إن تشرق الشمس وتميل إلى كبد السماء حتى تكاد الأرض تشتعل. فإذا كان هناك ميت على الأرض فإنهم سرعان ما يدفنونه مهما كان عزيزاً. يأتي الملا ليغسله ويلف على جسده العاري بضعة أمتار من القماش الأبيض ليصلي الناس عليه أقصر صلاة في أقرب مسجد وقبل أن تفوح رائحة الميت يذهبون به إلى المقبرة.

في المقبرة، يقف ذلك الملا أو رجل آخر على حافة القبر ويقرأ التلقين. على الميت أن يحفظ الدرس جيداً ولا يتلعثم حين تبدأ ملائكة الرحمن بالتحقيق معه. عليه أن يبين من هو ومن هي أمه ومن هو ربه ونبيه وما هو دينه ومذهبه. جميع من حول القبر يطأطئون رؤوسهم ويرفعون أكفهم بالدعاء وهم يتضرعون إلى السماء. نعم، إن الله حق والموت حق. وليس للكفن جيوب أيها الإنسان، سواء كان المرء عبداً أو أميراً فإنه راجع إلى ربه عارياً كما ولدته أمه. الذين تعلموا بين يدي الملالي قليلاً ويعرفون قراءة بضع آيات من القرآن يتمتمون بالعربية:” إنا لله وإنا إليه راجعون”. في عامودا، تلك البلدة الصغيرة الغافية على سفح جبل، كنت قد تبعت في مرات كثيرة الجنازات المتوجهة إلى المقبرة وعرفت كيف يدفن الكرد المسلمون موتاهم. قرأت عدة مرات سواء في المقبرة القديمة أو الحديثة سطراً لافتاً للانتباه على شواهد القبور، سطراً يقول بالعربية: “هذه الدنيا خداعة، لا مجال لنا فيها بالسعادة وليت أمي لم تلدني”.

في هذا المقهى الباريسي، يبدو الكاتالوج الملقى أمامي شيئاً لا يخطر على البال. ما زلت أنتظر ذلك الشاب الذي يرتدي الأسود، وفجأة يدخل باسكال بجثته الضخمة ورأسه الحليق ويتوجه إلي.
ـ يا يسوع! ما الذي تفعله وحيداً هنا؟ ما الذي دهاك يا بن الله؟ من يشاهدك سيعتقد أنك قادم من بين الموتى. لماذا شحب لونك وابيضت شفتاك كأنهما من كفن؟ تعال لنتشمس خارجاً في هذا الصيف العجوز.

التفت إلى يميني فلا أرى والدي. كذلك اختفى أولئك الشباب والبنات الذين كانوا يتكلمون بلغة الإشارة. يقلدني باسكال ويتلفت حوله. يحدق في الطاولات الفارغة، في شاشة البلازما الخرساء. ثم يحدثني بصوت لا أكاد أسمعه قائلاً:

هل تعلم أي مكان كان هذا المقهى من قبل؟ لقد كان شركة لدفن الموتى. صاحب المقهى الذي بجوار هذا المقهى اشترى المكان منذ فترة وجيزة وضمه إلى مقهاه. لهذا ترى أنه لا يوجد بار ولا مطبخ هنا. يأتي الطعام والشراب من المقهى المجاور. هيا لنخرج ونجلس هناك حيث يرى المرء كل ضوضاء باريس مثل نهر هادر يجري أمامه.

النادل الذي يأتي ليسألنا عن طلباتنا، شاب يافع. جعل بواسطة “الجِل” والبريانتين من شعر رأسه مثل عرف ديك كردي. يلبس سروالاً مغربلاً لا يرتديه في عامودا حتى الشحاذون والمجانين. حوالينا يدخن الرجال والنساء بشراهة كأنهم يدخنون لآخر مرة قبل أن يأتي عزرائيل لقبض أرواحهم. يقترح باسكال أن نجرب البيرة المعروضة في الإعلان الجديد. هو يعتقد أنها ستكون لذيذة لأن البلجيكيين ماهرون كالألمان والهولنديين في صنع البيرة والبطاطا المقلية المسماة “فريت”. أحاول جاهداً أن أضحك على سخرية صديقي لكن صليب الصيدلية يلمع في وجهي بقوة، يلمع وينطفئ. يدخل ذلك الصليب في دمي ويقرأ ما في دماغي. يبين لي أنني سألتقي أينما توجهت بموت أبي وأحمله على ظهري مثل صليب المسيح، لأدور به بين مقاهي باريس.

 

______________________
* فواز حسين: كاتب ومترجم من أصل كردي سوري يقيم في فرنسا. مواليد 1953. حاصل على الدكتوراه في الأدب الفرنسي من السوربون 1988. كتب عدّة روايات وترجم أخرى إلى الكردية، منها رواية الغريب لألبير كامو. هذا النص، كُتب بالكردية، ونقله إلى العربية: جان دوست.

عدد المشاهدات : 562

 
 

شارك مع أصدقائك

Comments are closed.